الأعرابيّ: قاسمُ الدجاج

   حَدَّثَ أعرابيٌّ كان ينزل بالبَصرة قال: قَدِمَ أعرابيٌّ من البادية، فأنْزَلْتَه، وكان عندي دجاجٌ كثيرٌ ولي امرأةٌ وابنان وابنتان، فقُلْت لامرأتي: بادِرِي واشْوِي لنا دجاجةً وقدّميها إلينا نتغدّاها. فلمّا حضَرَ الغداء جلسنا جميعًا: أنا وامرأتي وابناي وابنتايَ والأعرابيُّ، فدفعنا إليه الدّجاجة فقُلنا له: اقسمها بيننا، نريد بذلك أن نضحك منه، فقال: لا أُحسن القسمة، فإن رضيتم، قَسَمْتُها بينكم؟ قُلنا: فإنَّا نَرضى. فأخذ رأس الدّجاجة فقَطَعَه وناولنيه وقال: الرأس للرَّأس. وقطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين، ثمّ قطع السّاقين فقال: الساقان للابنتين. ثمّ قطع الزمكَّى(منبت ذنب الطّائر) وقال: العَجُزُ للعُجُزِ، والزَّوْرُ للزّائِر! فأخذ الدّجاجة بأسرها وسَخِرَ بنا.

   فلَمَّا كان من الغدِ، قُلت لامرأتي: اشوي لنا خمس دجاجاتٍ. فلمّا حضر الغداء قُلْت اقسُم بيننا، قال: أَقْسُم شِفْعًا أو وِترًا.

قُلنا اقْسُم وِتْرًا، قال: أنتَ وامرأتك ودجاجةٌ، ثلاثة. ورمى إلينا بدجاجةٍ.

ثمّ قال: وابناك ودجاجةٌ، ثلاثةٌ، ورمى إليهما بدجاجةٍ.

ثمّ قال: وابنتاكَ ودجاجةٌ، ثلاثةٌ ورمى إليهما بدجاجةٍ.

ثمّ قال: أنا ودجاجتان، ثلاثةٌ، وأخذ دجاجتين وسخر بنا.

فرآنا ونحن ننظر إلى دجاجتيه فقال: ما تنظرون؟

لعلّكم كرهتم قسمتي الوِتْر؟ لا يجيء إلّا هكذا فهل لكم في قِسمة الشِّفْعِ؟ قُلنا نعم.

فضمَّهنَّ إليه ثمّ قال: أنت وابناك ودجاجةٌ أربعةٌ. ورمى إلينا بدجاجةٍ.

ثمّ قال: والعجوز وابنتاها ودجاجةٌ أربعةٌ. ورمى إليهنّ بدجاجةٍ.

 ثمّ قال:

 - أنا وثلاث دجاجاتٍ أربعةٌ، وضمّ إليه الثّلاث، ورفع يديه إلى السّماء وقال: اللّهمَّ لك الحمدُ، أنت فَهَّمْتَنِيْهَا.

                                              الجاحظ 

                           (كتاب الحيوان ج 2صفحة 357)